١٠ رجب ١٤٣٠ هـ

ما لنا إلا أنت يا أوباما بعد الله :(


في الحقيقة شد إنتباهي أكثر من مره وأنا أمشي على احد الطرق الرئيسية التجارية المزدحمة بالماره من جميع الجنسيات، التي تقع في إحدا الجزر النيوزيلندية القابعة وسط المحيط الباسيفيكي. وحسب تقديري أنها أبعد منطقة بالنسبة للمملكة العربية السعودية وكذلك نفس البعد تقريباً إلى كوبا. وفي أكثر من مدينة يتكرر معي هذا المشهد. مجموعة أشخاص متظاهرون يرتدون ملابس كالتي يرتديها عمال النظافة، برتقالية فاقعً لونها تـُسيء الناظرين. تلفت إنتباه حتى من أصيب بعمى الألوان. ولكن المدهش حقا ً أن بعضنا لم ينتبه لهم. فأمنت حينها بمقولة أمي الشهيره عندما أبحث عن شي فقدته في مكان ما ولا اجده، فتعيد هي البحث في نفس المكان فتجد ضالتي لتهديني إياها وتـُتبـِعُها بتلك المقولة (العمى، عمى القلوب لا العيون) علماً أنني اجزم أنها لا تقصد الإهانة.

وجدت هاؤلاء القوم واقفون مطوقين انفسهم بسياج من حديد يستخدمة البدو لدينا لتشييد قصور بهائمهم، نطلق عليه في السعودية (شبك الغنم). أشكالهم تدل على أنهم من نفس البلد او احد البلدان المجاورة. واقفون طوال النهار للتنديد والتنكيل بأمر ما أغضبهم. فستوقفني المنظر. ولأقراء ما خطوا على صدورهم. فوجدت عبارتين مكتوبة بالخط العريض:

Close Guantanamo))

(Shut down Guantanamo)

وأنا واقف انظر إليهم متسائل بحنق بيني وبين نفسي، ما شأن هؤلاء القابعين في أخر الكرة الأرضية وجوانتانامو؟ ما شأن هؤلاء والأسرى الذين هم في تصنيف حكوماتهم حفنة من الإرهابيين؟ أم أن احدهم لديه هناك اسير او اسيرين فأقام الدنيا ولم يقعدها؟ أم حبهم للشهرة والتصوير والظهور في القنوات الفضائية؟ ام أنهم متفرغون ليس لديهم أعمال كباقي البشر فيستمتعون بإثارة الفوضى على حد تعبير أحد الأخوه؟

والحقيقة المره أن تلك مجرد إفتراضات سلبيه وإتهامات إتهمتهم بها كي أثبت سذاجتهم في نفسي وسذاجة أفعالهم. في محاولة يائسة مني لأبرر تقصيرنا نحن كمسلمون معنيين بهذا الأمر قبلهم. فأكثر معتقلوا هذا السجن من المسلمين والعرب. وعقيدتنا الإسلامية تحتم علينا الدفاع عن حق الإنسان. فكيف إذا كان مسلم!؟ كما أنه مخطئ من يعتقد أن المجتمع الغربي ليس لديه مبادئ وقيم وأخلاق وهذا مشاهد يعرفه كل من سافر خارج الديار... فتلك المبادئ المهمه في ثقافتهم هي الدافع الحقيقي وراى وقوف هاؤلاء الأشخاص في وجه الظلم والمطالبة (بالحقوق الإنسانية) مهما كان جنس الإنسان او دينه او عرقة. بل حتى وإن كان من المجرمين العتاه فله حق المعاملة كإنسان وحق المحاكمة العلنية العادله.

وتجد مقابل هذا الضمير الغربي الحي، وللأسف الشديد تبلد فضيع في المشاعر والأحاسيس لدينا نحن كأفراد مسلمين من صلب عقيدتنا رفض الظلم والوقوف في وجهه. والتي تحتم علينا نصرة ً إخواننا المسلمين من بني جلدتنا. وإستحقاقهم ولو لجزء يسير من وقت الإنسان المسلم وتفكيره. وليس حديثي هنا فقط محصور عن آسرى جوانتانامو اللعين، بل يشمل كل ظلم يقع على أي شخص سوى أكان مسلم ام غير مسلم داخل وطنه أو خارجه . وإلا ما موقفنا من قول رسولنا الكريم عليه افضل الصلاة والسلام ((ليس منا من لم يهتم بأمر المسلمين)). وصدق شيخ الإسلام ابن تيميه حينما قال (أن الله ينصر الدولـة الكـافرة العادلـة على الدولـة المسلمـة الظالمـة) فالظلم والسكوت عنه هوه السبب الرئيسي وراى حصول الكوارث الطبيعية، وهي علامات غضب من الله سبحانه وتعالى على هذه الأمة الميته التي لا تسعى لرفع الظلم عن احد. فهذه سنة من سنن الله الكونية التي لا تتبدل ولا تتغير كما قال سبحانه وتعالى: ((فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً)) وليس كما يصوره لنا بعض المشائخ لدينا بأن الكوارث الطبيعية سببها معاصي الناس وحدها. لكي يتهربوا من مسؤوليتهم كعلماء يجب عليهم رفع الظلم عن المظلومين وذلك بفضحه الظالمين بالكلمة الحق التي لا تخاف في الله لومة لائم.

إن معتقل جوانتانامو لهوه وصمة عار على البشرية قاطبة وخصوصاً نحن الشعب السعودي فأكثر معتقلوه من الجنسية السعودية. أخوان لنا يكال لهم أشد وافضع أنواع العذاب وإنتهاكات صارخه واضحه لحقوق الإنسان. أُلف فيها الكتب وأمتلأة الشبكة العنكبوتية بالصور المهربه الفاضحة له ومقاطع الفيديو المحزنة المخزية. وقتل بعض أسراه ظلم وعدوانا. لتسجل الجريمة بعد ذلك على أنها حالة إنتحار!!

وليس هنا العجب. بالعجب كل العجب أن تجد في العالم الغربي من يغضب بشدة على هذا المعتقل ((الشيطاني)) كما سماه أحد حراسة الأمركيين السابقين، لنتهاكه لكرامة الإنسان. فتجد منهم من يقف مدافعاً عن المعتقلين رافعين صوتهم عالياً بذلك متبرعين بأوقاتهم نصره لأناس لا يعنون لهم شي في تعريفنا العربي وثقافتنا الشائعة. ليقابله تخاذل وصمت مطبق منا نحن العرب والمسلمين. خصوصاً نحن السعوديين لأن اكثر معتقليه كما ذكرت من أبنائنا. بال إنك لا تسمع لأحد منا من يتحدث عنهم أو يذكرهم في مجلس له. بل الحالة الشائعة لدى معظم الناس (نفسي نفسي) وللأسف الشديد. ولكن لا تعجب كثيراً من هذا المنطق الغريب! لأن هذا التبلد في الإحساس وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه الأخرين نتيجة طبيعيه لصمت آخر أشد وأعظم جرم وهو صمت العلماء الكبار ومشائخ التيار الصحوي الذين كانو هم السبب الرئيسي في دعواة هؤلاء الضحايا للجهاد في افغانستان فالكل قد سمع ويتذكر أيام الحرب على الإتحاد السوفييتي كيف أمطروا هاؤلاء الشباب بالخطب والفتاوى والمحاضرات رافعين راية الجهاد في أفغانستان مبشرين بالجنه وحورياتها في شوق ينتظرونكم. وهذا كله طبعاً بمراء ومسمع وبمباركة من الحكومات. ولسان حالها (أحسنتم صنعاً بهاؤلاء الشباب)

فلما غضبت أمريكا غضبتها المقصودة المجرمة الظالمه على أفغانستان بعد 11 سبتمبر المشؤم. كفروا بهذا الجهاد الأمريكي وستيقنتها أنفسهم، وجحدوا كل من تأثر بدعوتهم وتبراو منهم. فلم نعُد نسمع لهم صوت يرفع، لا في الفضائيات التي يصبحوننا بها بكرة وعشيا، ولا في غيرها، ليهمس احدهم ببنتا شفتيه مدافع عن هاؤلاء الضحايا اللذين تأثروا بدعوتهم. مطالبين بجميع الوسائل الإعلامية المتاحة لهم ويتبنون الدعوة للمضاهرات السلمية المؤثرة على الرأي العام العالمي الغربي اللذي يُحترم فيه صوت الشعوب ليرفعوا الظلم عن إخوانهم المسلمين. وأن يبذلوا في الدفاع عنهم نفس الجهد الذي بذلوه في دعوتهم للخروج للجهاد. وأن يعملوا ما بوسعهم لتحويل قضيتهم قضية رأي عام تهم كل فرد من أفراد المجتمع المسلم. خصوصاً أنهم يملكون منابر المساجد. لكي يُعذروا أمام الله سبحانه وتعالى والناس أجمعين. وإن لم يحركهم دينهم فل يحركهم على أقل تقدير معاني الرجولة والشهامة وموقف مشرف يسجل لهم. يذكره المعتقلين وأهليهم.

كما إن إستمرار وجود هذا المعتقل الظالم يفضح اصحاب الدعوه اللبرالية السعودية. فأين شعاراتهم شعارات الحرية، وحرية التعبير وحقوق الإنسان والمُساواه ورفض الظلم. أين كل تلك المعاني الجميلة من مقالاتكم في الصحف اليومية، لتدافعوا عن إخوانكم من بني جلدتكم المظلومين في جوانتانامو وغيرها. فبعضهم لا جرم له إلا أنه ذهب ليشارك في أعمال إغاثية إنسانية بحته فأُعتُقِل هناك ظلم وعدوانا ليكال له أشد وافضع انواع العذاب وأبشعه. وأي جرم أعظم من أن تعتقل حرية الإنسان إذا كان مظلوم. فأين أنتم يا دعاة الإنسانية والتسامح وقبول الآخرين لتدافعوا عن الإنسان ومن أجل الإنسان. أين أقلامكم الحادة اللاذعه التي تسلقون بها المتدينين التدين الشكلي. وأين أقلامكم التي سخرتموها لنتقاد معتقدات الناس البالية. فأردتم في يوم واحد أن تصلحوا ما افسده الدهر لعقود طويلة. فأخترتم أن تخاطبون الناس وكأنكم تقطنون في أبراج عالية وكأن أحدكم لم يعش يوماً معنا في هذا المجتمع المحافظ وأمنتم كما أمنا بتلك المعتقدات على أنها من الدين وإن لم تكن كذلك. فلما حباكم الله بشيء من العلم والمعرفه تكبرتم على الناس تصِمُونهم بالجهل و التخلف. فكرهتم الناس في دعوتكم بسبب اسلوبكم الحاد، حتى وإن كان كثيراً مما تقولون حق ويطابق مقاصد الشريعة الإسلامية العظيمة. إلا أنكم ساهمتم بشكل مباشر في رد هذا الحق من عامة الناس حتى حسب بعضهم أنكم تدعون لدين جديد يدخلنا جهنم والعياذ بالله. فأنتم أيها المثقفون اصحاب الفكر الليبرالي المعتدل وأنتم أيها المفكرون الإسلاميون عليكم مسئولية الدفاع عن هاؤلاء الشباب المظلومين حتى وإن كانوا يخالفونكم في الفكر فهم ضحايا لتراكمات فكرية خاطئة نشأنا جميعاً وتربينا عليها بفضل جهود "حراس الفضيله والتيار الصحوي". فتغييرهذه التراكمات الفكرية ليس بالأمر السهل كما يعتقده البعض بل يحتاج لسنوات طويلة من الصبر والدعوه بالتي هي أحسن خصوصاً أن خطابكم مع شعب أغلبه لا يقراء، ولكن الحق لاشك يعلو ولا يُعلا عليه. ولكن إستمرار صمتكم عن إخوانكم المسلمين في جوانتنامو أخشى أن يضع شكوك الناس حولكم في محلها. كما أخشى أن تكون اصابتكم فوبيا المشائخ من الغضبه الأمريكية ومن يتبعُها من الحكومات العربية. التي أصبح عندها كل من يدافع عن المظلومين هناك ولوبقلبه يصنف نفسة مع الإرهاب والإرهابيين.

ولكن لعلي لم أفهم الحكمة العظيمة من هذا الصمت الموحش. فيكون من الأفضل التمسك والتحلي بالأخلاق السعودية التي تحث على أن نلتزم الصمت وأن لا نتحدث بما لا نفقه. لأن الحديث عن مصائبنا يلهي عن ذكر الله كما تفعل المضاهرات السلميه نسبة ً لفتوى أحد مشائخنا الأفاضل.

فيتوجب عليك أخي في الله أن تشجب وتستنكر هذا الأمر بينك وبين نفسك حتى لايسمعك المفتي وردد مع عامة الناس بكل إحباط :

((ما لنا إلا انت يا بوحسن بعد الله "توفي بوعدك" وتسكر هذا المعتقل اللعين))

ولكن ندعو الله أن لا تكون قد أصابتك مصيبة مسؤولينا. مصيبة نسيان تواريخ إنها مشاريعهم التي يعلنون عنها أمام الناس. علماً أن بوادر العدواء بدئة تظهر عليك. نسأل الله السلامة والعافية.

روابط ذات صلة بالموضوع:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق